تعزية حارة إلى الأستاذة الفاضلة فريدة الجشّي، على مصابها الجلل في وفاة ابنها أيمن الصالح. ونعلم، مهما حاولت الكلمات مواساتها في الحزن، ومهما حاول النّاس الترويح عنها، فإنّ الألم يغزو القلب في بعض المواقف، بحيث لا يستطيع الإنسان التفاعل مع الآخرين.
نقول للغالية فريدة الجشي... فصبرٌ جميل، والله اللطيف الخبير، هو الذي ينزل المصيبة، وهو الذي ينزل اللطف معها، ولا اعتراض على قدره مهما كانت شدّته، فهو العالم، وهو الرحيم على العبد من أمّه.
نعم، ذهب أغلى النّاس يا «أم أيمن»، ولكنه لم يذهب إلاّ لدار أفضل من هذه الدار، ونحن نبكي فقده، ولكنّه في مكان أرفع من هذا المكان. وعليه، وجب أن نضع نصب أعيننا هذا المكان، فلا نحزن ولا نجزع، ففي يوم من الأيام أنتِ ستلاقينه لا محالة، طال الزمان أو قصر.
نتمنى أن تبحثي في الأمور التي يحبّها، وأن تقومي بالمثابرة على فعلها، ولقد علمنا بأنّه من أهل الخير والجود، يعطف، ويُعطي، ويُحب من غير حساب، وهذا الأمر سيسعده في قبره لا محالة، وسيحوّل حزنكِ إلى فرح، فتلك العينان الممتلئتان اليوم بالدموع ستمتلىء فرحاً في يوم ما، وكذلك اصبري وصابري، فالأجر محسوب عند الله، وهو المطّلع على سريرتك، والعالم بمصيبتك وفجعتك على ابنك، وهو الذي يسخّر السماوات والأرض لكِ؛ من أجل التخفيف عن هذا الألم.
لطالما عرفناك يا «أم أيمن» بالقوّة والمثابرة والتوازن، وأنت كذلك كنت وما زلت، وفي هذه اللحظات المريرة عليك، ستظهر هذه القوّة، وستستطيعين مواصلة الحياة من دونه، فلقد ذهب الجسد، وبقيت الذكريات الجميلة، وبقيت تلك الروح الطاهرة التي لن تفارقك أبداً.
كذلك هو حال كل أم فقدت ابنها، فعصرة القلب لا يعلمها إلا قلب كان في نفس الموقف، قلب أمّ فقدت ابنها، وهذا أعظم الألم وأكثره شدّة، وعلى قدر الألم يأتي الثواب، والله لا يعطي أحداً مصيبة إلاّ يكون بقدرها، عظيماً قويّاً.
نحن لم نعرف أيمن، بل اقترن اسمه باسم أمّه فريدة الجشي، وهي من خيرة نساء البحرين العظيمات، اللاتي قدّمن للتربية والتعليم الغالي والثمين، ونعلم أنّها على قدر المصيبة التي أحلّت بها، وأنها ستنهض وستعمل كما عوّدتنا دائماً.